شيماء علي
أشرفت الأميرة للا حسناء، مرفوقة ببريجيت ماكرون، اليوم الثلاثاء، و بأمر من جلالة الملك، على تدشين المسرح الملكي الرباط، المشروع الهيكلي الذي يأتي لتعزيز منظومة مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية. و بعد إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، تابعت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، عرضا حول الهندسة الداخلية للمسرح الملكي الرباط، قبل القيام بجولة في مختلف مرافقه. و يتميز هذا الصرح-الأيقونة، الذي يعد ثمرة رؤية ملكية مستنيرة، و تجسيدا للعناية الموصولة التي ما فتئ جلالة الملك يوليها للفن و الثقافة، بموقعه و جماليته و معاييره التقنية المبتكرة التي تمثل نقلة كبرى في المشهد الثقافي للمغرب. و يساهم هذا المشروع الهام الذي أعطى جلالة الملك، نصره الله، انطلاقة أشغال إنجازه، و الذي يشكل جزءا مندمجا من برنامج تنمية مدينة الرباط، في تعزيز البنيات التحتية الثقافية على مستوى مختلف جهات المملكة، و في النهوض بالإشعاع الثقافي للمغرب على الصعيد العالمي.
و بوصفه رمزا للحداثة، يضفي التصميم الفريد للمسرح الملكي الرباط لمسة عصرية على الهندسة المعمارية لمدينة الرباط، حيث لا يعد فضاء للتعبير الفني فحسب، و إنما تحفة فنية في حد ذاته. و يشكل المسرح الملكي الرباط، الذي يطل على نهر أبي رقراق، في امتداد لمعلمتي صومعة حسان و ضريح محمد الخامس، رمزا للانبعاث الثقافي و الفني لعاصمة المملكة. كما سيعزز الدينامية الثقافية بالمغرب، من خلال تحفيز مقاربة حداثية للفن المغربي، بكل ما يفضي إليه ذلك من تثمين للقدرات الإبداعية. و تمتد هذه المعلمة، التي أنجزتها وكالة تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق، و صممتها المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد، على مساحة 7,1 هكتارا، منها 25 ألف و400 متر مربع مبنية. و تنصهر هذه المنشأة، في انسجام تام، في موقع نهر أبي رقراق بفضل تصميمها الذي تم إبداعه بشكل يتماهى مع دينامية الموقع و مشهده العام.
و يتكون المسرح الملكي الرباط من عدة فضاءات موزعة ببراعة، إذ يتميز بتصميمه المبتكر الذي يسمح بحركة سلسة بين مختلف مرافقه، و كذا بتنقل انسيابي للجمهور بفضل السلالم الكبيرة و الممرات و المصاعد، بالإضافة إلى الولوجيات المخصصة للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، وفقا لمبدأ “التنقل للجميع”. و يضم المسرح الملكي الرباط قاعة كبيرة للعروض تتسع لأزيد من 1800 متفرج، و تتميز بتصميم فريد قائم على واجهات هندسية مميزة و مبتكرة للجدران و السقف. و يمكن لهذه القاعة احتضان أنواع متعددة من التظاهرات الفنية و الثقافية (المسرح و الرقص و الباليه و الأوبرا و المسرحيات الموسيقية، و الحفلات السيمفونية و الفيلارمونية، بالإضافة إلى أشكال أخرى من العروض الحية). و تتوفر القاعة الكبرى للعروض بالمسرح الملكي الرباط، التي ترقى إلى منشأة من مستوى عالمي، على تقنيات عازلة للصوت مصنفة ضمن أفضل المعايير الدولية في المجال. و تعد جودة الصوت داخل هذه القاعة استثنائية مع هندسة معمارية و هندسة صوتية مصممتين لضمان تجربة صوتية مثيرة للجمهور. و يمثل السقف المتحرك، الذي يأخذ شكل عاكس صوتي، أيضا عنصرا أساسيا و متفردا في هندسة هذه المؤسسة.
و يحتوي المسرح الملكي الرباط، أيضا، على قاعة ثانية للعروض تضم 250 مقعدا، مفتوحة لاحتضان كافة التجارب و التعبيرات الثقافية بأساليبها و أنواعها المتعددة و المختلفة، لتصبح بمثابة رافعة للمشهد الفني المغربي الجديد. و بخصوص الفضاء الخارجي للمسرح، فيضم مدرجا بطاقة استيعابية تبلغ 7 آلاف شخص، مخصصا لاحتضان المهرجانات و التظاهرات الكبرى. و يعد المسرح الملكي الرباط بتجربة ثقافية غامرة من خلال برمجة غنية تشمل احتضان أحداث ثقافية وطنية و دولية، بما يسهم في إثراء المشهد الثقافي للرباط و المغرب بأكمله. و من خلال هذه المعلمة المعمارية و الحضرية الفريدة، ترتقي العاصمة الرباط إلى مصاف كبريات الوجهات الثقافية العالمية، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. و كانت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء في استقبال السيدة بريجيت ماكرون لدى وصولها إلى المسرح الملكي الرباط، حيث استعرضتا تشكيلة من القوات المساعدة أدت التحية. و بعد إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، تابعت الأميرة للا حسناء، مرفوقة ببريجيت ماكرون، عرضا حول الهندسة الداخلية للمسرح الملكي الرباط، قبل القيام بجولة في مختلف مرافقه.
