دراسة جديدة.. الحاجة الملحة لأخصائيي الطب النفسي العصبي في المملكة العربية السعودية وسط تزايد تحديات الصحة العقلية والنفسية
لقد مهدت التطورات التقنية الطريق لإمكانات جديدة بالنسبة للتحقق من وظائف المخ لدى الإنسان، و يعتبر الطب النفسي العصبي تخصصاً طبياً تكاملياً يجمع بين عناصر الطب النفسي و علم الأعصاب و علم النفس العصبي مع التركيز على العلاقة بين الدماغ و السلوك. و أظهرت نتائج دراسة الفحص الوطني للقلق و الاكتئاب التي أجريت خلال عام 2022 في المملكة العربية السعودية، معدلات كبيرة لاضطراب الاكتئاب الشديد (MDD) و اضطراب القلق العام (GAD)، و التي بلغت نسبة 12.7% و12.4% على التوالي. و على الرغم من هذه المعدلات المرتفعة، يظل التشخيص و العلاج منخفضين بشكل ملحوظ، حيث يتلقى قرابة 1.5% و0.5% فقط من الأفراد الرعاية لعلاج الاكتئاب و القلق على الترتيب. و تؤكد هذه الفجوة الضرورة الملحة لزيادة عدد المتخصصين في مجال الصحة العقلية و النفسية، و خاصة أخصائيي الطب النفسي العصبي، و ذلك لمعالجة هذه الحالات بشكل فعال. كما تدعو الدراسة إلى تعزيز الصحة العقلية، و الكشف المبكر عن حالات الاضطراب، بالإضافة إلى ضرورة توفير الوصول إلى العلاج لتحسين نتائج الصحة العقلية في المملكة العربية السعودية. و في هذا الخصوص، و للمساعدة في رفع مستوى الوعي بأهمية تعزيز إطار الصحة العقلية في المملكة، تقدم كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا نظرة عامة عن مجال الطب النفسي العصبي و التخصصات المختلفة المتاحة في هذا الفرع الطبي المبتكر.
كيف يتم تعريف الطب النفسي العصبي؟
يعرف الطب النفسي العصبي وفقاً للجمعية الدولية للطب النفسي العصبي على أنه مجال من الطب العلمي الذي يهتم بالعلاقة المعقدة بين السلوك البشري و وظائف الدماغ، و يسعى إلى فهم السلوك غير الطبيعي و الاضطرابات السلوكية على أساس التفاعل بين العوامل العصبية و النفسية و الاجتماعية. و بصياغة أبسط، يهدف الطب النفسي العصبي إلى سد الفجوة بين طب الأعصاب و الطب النفسي بالنسبة لتقييم و علاج الاضطرابات المتعلقة بالدماغ و الجهاز العصبي. و ينظر متخصصو الطب النفسي العصبي إلى الدماغ باعتباره العضو الذي يخرج منه كل السلوك، و هدفهم الأساسي هو زيادة المعرفة و فهم العلاقات بين سلوك الدماغ و توسيع التدخلات العلاجية.
ما الذي يقدمه الطبيب النفسي العصبي؟
يقدم هؤلاء المتخصصون التقييم و العلاج للصعوبات العاطفية و السلوكية و المعرفية و الإدراكية في سياق المرض العصبي. تشمل الحالات العصبية النفسية، الاضطرابات المعرفية و الأعراض النفسية مثل اضطرابات الحركة، و اضطرابات النوبات، و إصابات الدماغ المؤلمة، و الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المواد، و الأمراض الدماغية الوعائية. و مع ذلك، لن يكون جميع المرضى الذين يتم إحالتهم إلى طبيب نفسي عصبي قد تلقوا تشخيصاً بالفعل. و في مثل هذه الحالات، يمكن للأطباء أيضاً المساعدة في تحديد السبب الكامن وراء الأعراض المثيرة للقلق من خلال استكمال التقييم العصبي النفسي. و يمكن أن يشمل ذلك إجراء فحوصات عصبية، و دراسة الوظائف الحركية للمريض، و التنسيق، و ردود الفعل، و الأعصاب القحفية، و الوضعية، بالإضافة إلى إجراء مقابلة مع المريض لتحديد حالته المعرفية.
تشمل الأعراض المحتملة التي قد تدفع المريض إلى طلب تقييم نفسي عصبي كل من الاكتئاب، و الهوس، و التحديات المتعلقة بالتركيز و التعلم، و الأرق أو اضطرابات النوم الأخرى، و الصعوبات في التعامل مع الآخرين مثل المزاج و السلوكيات التي لا يمكن التنبؤ بها. أما المكون الرئيسي للاضطراب العصبي النفسي هو أن الأعراض تميل إلى التأثير على وظائف المخ و العاطفة و المزاج، و يمكن أن تتراوح الأسباب من القابلية الوراثية للإصابة بالمرض إلى الإصابات الدماغية، أو العدوى، أو الآثار الجانبية للأدوية، أو حتى العوامل البيئية. و بحكم وجود العديد من أسباب الاضطرابات النفسية العصبية، فهناك أنواع مختلفة من العلاج التي قد يصفها الأطباء لهذه الحالات المختلفة، إذ تعتبر الأنظمة الدوائية و الاستشارة النفسية و/أو العلاج النفسي من العلاجات الشائعة، و يتم تحديد خطط العلاج المناسبة بناءً على السبب الدقيق و العرض السريري و شدة الاضطراب العصبي النفسي.
و بغض النظر عن طرق العلاج، يهدف الأطباء النفسيون العصبيون دائماً إلى مساعدة المرضى و عائلاتهم على فهم الآثار النفسية لاضطراباتهم و التعامل معها بشكل أفضل. و في هذا الخصوص، تلعب كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا دوراً هاماً في تدريب متخصصي الطب النفسي العصبي عبر تقديمها برامج شاملة كفيلة بتزويد الطلاب بالمهارات و المعرفة للتفوق في هذا التخصص.
دور الطبيب النفسي العصبي في إحداث التأثير
يساعد الأطباء المتخصصون في الطب النفسي العصبي على فهم الأسس العصبية للاضطرابات النفسية و العصبية بشكل أفضل حتى يتمكن المرضى من الحصول على علاج عالي الجودة و أكثر فعالية. و في الختام، قد يشعر العديد من الطلاب الطامحين لدراسة الطب بالرغبة لامتهان هذا التخصص، و لكن على الرغم من ضرورة إكمال التدريب الطبي اللازم و الذي يعد أمراً مكثفاً نوعاً ما، إلا أن العمل ضمن هذا الاختصاص سيغير حياتهم مما يجعل الأمر يستحق كل هذا العناء.