يونس عثماني
إيمانا بالمسؤولية الاجتماعية إتجاه الجمهور والمجتمع، وانطلاقا من الأسس التي تقوم عليها مهنة الصحافة ومن أهمها ولاؤها للحقيقة وتمسكها بمبادئ الحرية والعدالة والقيم والأخلاق السامية واحترام النظام والقانون»،
الميثاق جاء في الوقت المناسب ليضع حدا للجدل القائم في الساحة الإعلامية حول المشكلات التي تتعرض لها مهنة المتاعب سواء من قبل المتطفلين والمتربصين بها والذين يريدون استغلالها وابتزازها خارج الإطار القانوني والأخلاقي للعمل الصحافي المسؤول والنزيه والملتزم، أو بالنسبة لبعض القائمين على مهنة المتاعب الذين استسلموا للإغراءات المادية والمصالح الشخصية والضيقة على حساب المصلحة العامة وإعلاء كلمة الحق.
فجرى كلام كثير عن الخلط والمزج بين الخبر والإعلان والتقارير الترويجية. يعني القضاء على مناطق الالتباس والاصطياد في المياه العكرة، ومناطق الغموض وابتزاز المهنة لتحقيق مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة،
حيث إن الميثاق يحدد ما للصحافي وما عليه في علاقاته مع مصادر الأخبار ومع المجتمع المدني والسلطة والجمهور بصفة عامة. فالممارسة الإعلامية هي أمانة في عنق الصحافي والمؤسسة الإعلامية، حيث إن الإعلام هو الذي يخبر ويبلغ ويراقب ويكشف ويحدد المواضيع والأجندة التي يناقشها الرأي العام والمجتمع المدني.
المؤسسة الإعلامية هي منبر للحوار والنقاش والمجادلة من أجل الوصول إلى الحقيقة وإلى الرأي السليم. كما تلعب المؤسسة الإعلامية دورا محوريا في التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم والتسلية وأخيرا تشكيل الذاكرة الاجتماعية والرأي العام.
على غرار المواثيق المعروفة عالميا والمتداولة في العديد من الدول التي قطعت شوطا في الممارسة الإعلامية وفي حرية الصحافة والنضال من أجل إدراك الحقيقة والوصول إليها كاملة وتقديمها للرأي العام في بيئة تسودها الشفافية والرقابة على السلطة التنفيذية ومكافحة الفساد والمساهمة بحرفية ومهنية في كشف الأخطاء والتجاوزات وتوفير الفرص للرأي العام للتعبير عن همومه ومشاكله وطموحاته من أجل مساهمة الجميع في صناعة القرار وإنجاح عملية التنمية المستدامة.
أكد الميثاق على قدسية الحقيقة وضرورة احترامها وحق الجمهور في المعرفة والوصول إليها كاملة بدون بتر أو تضليل أو تلاعب. كما يؤكد الميثاق على التزام الصحافي بالمسؤولية الكاملة إزاء ما ينشر ويقدم للرأي العام حيث ضرورة التأكد من صحة المعلومات ودقتها وضرورة الابتعاد عن التخمين أو التضخيم أو إبراز رأي طرف على حساب الآراء الأخرى، أي ضرورة العدالة والمساواة في التعامل مع القضايا والجهات والأطراف المختلفة.
كما أشار الميثاق إلى عدم استخدام القلم والمهنة لإثارة الغرائز وتحريك الخلافات في المجتمع والتلاعب بالمهنة من أجل إرضاء طرف أوجهة معينة على مكونات المجتمع الأخرى. تطرق الميثاق كذلك إلى علاقة الصحافي الشخصية بمصادر الأخبار وضرورة أخذ الحذر وكل الاحتياطات حتى لا تتأثر العلاقة الشخصية بالعلاقة المهنية وحتى لا تختلط الرسالة النبيلة للعمل الصحافي بمصالح جهات معينة كأن ينحاز الصحافي إلى المصدر وتصبح التغطية بعيدة عن الحياد بل تصبح وسيلة في خدمة المصدر على حساب خدمة الحقيقة وخدمة الرأي العام.
أشار الميثاق كذلك إلى ضرورة الابتعاد وتجنب الطرق غير الأخلاقية للحصول على المعلومات والبيانات كاستعمال الإغراء أو العنف وغير ذلك من الطرق والسبل التي تتعارض مع الأخلاق والمبادئ التي تقوم عليها الممارسة الإعلامية النزيهة والشريفة.
كما أشار الميثاق إلى ضرورة التزام الصحافي بعدم قبوله أية إغراءات أو وسائل لكسب ولائه لجهة وانحيازه لها كقبول الهدايا والجوائز المقدمة له؛ حيث إنها تضر بمكانته وقد تشوه سمعته وتؤثر على عمله الذي من المفروض يكون موضوعيا ونزيها وملتزما ومسؤولا من أجل الوصول إلى الحقيقة.
الميثاق جاء شاملا ووافيا للإشكاليات التي قد يواجهها الصحافي في عمله اليومي بحثا على الحقيقة كالعلاقة مع السلطة ومصادر الأخبار والدين وحقوق الإنسان والديانات والأعراق وكذلك التعامل مع تغطية أخبار الدول الصديقة والشقيقة وطرق الوصول إلى المعلومات والسرية في الحفاظ على هوية المصدر والابتعاد على السرقة الأدبية والذم والافتراء والقذف والتشهير وقبول الرشوة والإغراءات من أجل التلاعب بالأخبار والمعلومات وكذلك تغطية الأخبار وعدم صناعتها أو فبركتها.
فمواد الميثاق بدون تطبيق وبدون احترام وبدون تفعيل تبقى حبرا على ورق وهنا يجب على كل صحافي أن يكون غيورا على مهنته ويجب أن يدافع عنها ويصونها ويحميها من المتطفلين والانتهازيين وعديمي الضمائر الذين يعملون على السطو على المؤسسات الإعلامية من أجل التلاعب بالحقيقة لتحقيق مصالحهم الضيقة.