جميلة البزيوي
طالب المجلس الوطني الفدرالي من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في دورته الثانية، باستعجالية القطع مع الوضع المؤقت لآلية التنظيم الذاتي للمهنة، و المصادقة على القوانين التكميلية للقانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة قبل انتهاء الدورة الخريفية للبرلمان (أبريل 2025)، حتى يتمكن المتدخلون المعنيون بالمجلس الوطني للصحافة من انتخاب هياكله في آجال معقولة. و انعقد المجلس الوطني الفدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ، صبيحة يوم السبت الماضي، تحت شعار” مواصلة معركة حماية المهنة و المهنيين”، حيث تمت مناقشة مجموعة من القضايا كان أهمها ما يتعرض له عدد من المهنيين من ترهيب و تخويف و قمع داخل المؤسسات التي يشتغلون فيها، نذكر على سبيل المثال ما يتعرض له البعض بالقناة الثانية. و حسب بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية الصادر اليوم الاثنين، ” أن المجلس الفدرالي انعقد بعد معاينة حجم الهشاشة التي يعانيها القطاع على مختلف المستويات، من أقسى تجلياتها حالات زميلات و زملاء يعانون العوز و يعانون في صمت بعد سنوات من العطاء أكل من أجسادهم و دمر معنوياتهم، و تركوا عزلا مما يضطرهم لامتهان حرف سد العوز في أرذل العمر”.
و أردف البلاغ، ” أن المجلس انعقد و حالة المهنة لا تسر لا أهلها و لا جمهورها، و إن كانت فضيلة النقد الذاتي في القطاع تسمح بالقسوة على الذات، إلا أن حجم تمييع القطاع، و تطفل دخلاء على اقتراف مصائب و فضائح و إلصاقها بالمهنة قد خلط الأوراق و ورط المهنة في وصم لا يعكس حجم المسؤولية الواقعية. لقد أدى هذا التلوث العابر للمهنة إلى جسارة محاكمة المهنة و المهنيين بالسب و القذف، بل و تحول هذا المد إلى عصابات لترهيب كل صوت يقاوم استقلالية و خصوصية المهنة، في مسعى متواصل يستفيد من حالة “سيبة” غير مفهومة قد تقود إلى فراغ يسمح بالاستفراد القاسي بالرأي العام، و قد ينتهي بتهديد الأمن الإعلامي لبلدنا”. و أضاف البلاغ ،” أن المجلس انعقد في ظرفية من المفترض أن تكون مواتية لمعالجة هذه الصورة القاتمة، و مدخلها و عنوانها البارز هو انتاج منظومة قانونية جريئة و واقعية لمعالجة الشق القانوني بما يسمح بوضوح يفصل بين ما هو مهني خالص، و ما يقترف باسم المهنة. و يهم النقابة الوطنية للصحافة المغربية التأكيد على أننا لن نقبل بتوريد تجاوزات تقترف خارج المهنة للتضييق على مكتسبات حرية التعبير في لعبة مكشوفة نرفض الدخول فيها”.
كما انعقد هذا المجلس في ظل مناخ وطني يعرف تواتر العديد من الانتصارات المغربية، المرتبطة بسيرورة ثابتة و واضحة لحسم قضية الوحدة الترابية، و غلق ملف الأقاليم الجنوبية للمغرب، بما يتلاءم مع الطرح المغربي القائم على الحق من جانب، و على المصلحة الإقليمية المشتركة من جهة أخرى، و على إستراتيجية واضحة الآفاق التموقع المستقبلي لبلادنا، و الذي يستحضر الإمكانات القارية لإفريقيا. و أكد المجلس، “أن توافر إعلام وطني قوي و مهني و احترافي، قادر على مواكبة التطورات التكنولوجية و الرقمية، يحقق إشباع احتياجات المواطنين و حقهم في الحصول على المعلومة، و يساهم في إثراء النقاش العمومي و عقلنته، و يعيد الاعتبار للمهنة و المزاولين لها، أصبح مطلبا وطنيا آنيا، لا يقبل التأجيل، فكثير من المكاسب الوطنية و الدبلوماسية تقل فاعليتها بسبب عدم القدرة على تثمينها إعلاميا بما يليق بها”.
و بعد العرض الشامل لعبد الكبير اخشيشين باسم المكتب التنفيذي، ذكرت النقابة، “بالمطلب الذي عبر عنه المكتب التنفيذي للنقابة، بضرورة تحيين كل الترسانة القانونية المرتبطة بالمهنة، باستحضار لكل التراكمات التي حدثت منذ إقرار تلك القوانين (مدونة الصحافة و النشر/ قانون الصحافي المهني/ القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة) “. كما دعت النقابة إلى ” دعم ممكنات حرية الصحافة و التعبير، ذلك أن بعض القيود المتضمنة في الكثير من النصوص التشريعية المرتبطة بالمهنة، و المتصفة بالعمومية، يجعلها قابلة للكثير من التأويلات، سواء أكانت ديموقراطية أو على النقيض منها، مما يجعل الإعلام المهني قاصرا على منافسة فضاءات التواصل الاجتماعي، و التي بقدر ما تتمتع بجرعات حرية أكثر، بقدر ما تنتعش فيها الأخبار الكاذبة و التعبيرات المنفلتة غير المسؤولة”.
و شجبت النقابة ” كل مظاهر التعامل المهين مع الصحافيين و الصحافيات عند ولوجهم لمجموعة من المؤسسات، و التي تتنافى مع مقتضيات الزمالة المهنية، و أعراف و قواعد المهنة، و مسؤوليات المرفق العمومي “، مؤكدا على ” ضرورة التعامل مع الصحافيين بما يليق بوضعهم الاعتباري و المهني و المواطناتي”. كما دعت إلى ” الزيادة في أجور و تعويضات كافة العاملين و الصحافيين في المؤسسات الإعلامية المحسوبة على القطاع العمومي، سواء التابعة للشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، و القناة الثانية، و إذاعة ميدي1 و ميدي1 ثيفي، و وكالة المغرب العربي للأنباء، مع تحسين شروط العمل، و مراعاة التعويض عن الأخطار المهنية، و عن المهام الإضافية المرتبطة بسياقات استثنائية”. و دعت النقابة الناشرين إلى ” الاقتناع بضرورة تحيين الاتفاقية الجماعية التي مر عليها ما يقارب العشرين سنة الانضمام إلى مسار الاتفاقيات الجماعية، مع تحيينها بما يستجيب للتحولات التي تقع في طبيعة الإعلام و مهن الصحافة و النشر، و هي التحولات المتسمة بسرعتها، توافقا مع التحولات التكنولوجية من جهة، و مع التراكمات الحقوقية كونيا من جهة أخرى”.